|
يقول الله -تعالى- عن يوم القيامة: تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ وهذا في سورة النحل[56]، ويقول -جل وعلا- في سورة النحل: [وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[النحل:93]، ولكني وجدت آيةً في سورة الرحمن تنفي حدوث السؤال للإنس والجن يوم القيامة، يقول المولى فيها: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ[الرحمن: 39]، فكيف الجمع بين هذه الآيات التي تثبت الحساب، والأخرى التي تنفي السؤال؟
أيها الأخ السائل اعلم أن يوم القيامة له أحوال وله شئون، وهو يوم طويل، مقداره خمسون ألف سنة، كما قال -جل وعلا- في كتابه العظيم: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) [المعارج: 4-7]الآيات. وهو يوم طويل وعظيم، وله شئون وله أحوال، والناس فيه على أحوال، ففي وقت يسألون، وفي وقت لا يسألون، ففي وقت يسألهم الله عن أعمالهم كما قال -جل وعلا-: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الحجر: 92] فيسألوهم ويجازيهم وتعرض عليهم صحائفهم، وفي وقت آخر من هذا اليوم الطويل لا يسألون، وهكذا في قوله -جل وعلا- عن الكفار أنهم قالوا: وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ[الأنعام: 23] وفي موضع آخر قال: وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا[النساء: 42] ولهذا نظائر فيوم القيامة طويل عظيم للناس فيه شئون مع ربهم -عز وجل-، فتارة يقرون، وتارة يجحدون، وتارة يسألون، وتارة لا يسألون، فانتبه لهذا، ولا تشك في شيء من ذلك، فكله حق، والله المستعان. بارك الله فيكم.
جميع الحقوق محفوظة لموقع ن للقرآن وعلومه ( 2024 - 2005)
nQuran.com
اتفاقية الخدمة وثيقة الخصوصية